توارد الأفكار والظاهرة الكهربية (موضزع طويل بس مهم جدا حدا)
اولا .
توارد الأفكار
كثيراً ما نجلس مع آخرين نتكلم أو صامتين يفكر كل منا في أمر ما ثم تحدث
الظاهرة. إننا ننطق سوياً دون شعور كل منا بما يفكر فيه الاخر.
هذه
الحالة تتكرر كثيراً .. ولكن لا نعرف لها مصدراً أو معنى. قد يتصل بعضنا
بالآخر تليفونياً ويكون مشغولاً ثم ندرك بعد فترة بسيطة أن كل منا يتصل
بالآخر ويدور الحديث.. ماذا في الأمر؟ ماذا فعلت في الموضوع الخاص بك ..
ياللعجب إنه نفس الموضوع الذي اتصل بك من أجله.. وهكذا.
والسؤال .. ما
هو السر الذي يجعل شخصين يجتمعان في فكرة؟ العديد من المبدعين يدركون أن
غيرهم ؟ وفي نفس الوقت ؟ يقومون بكتابة ما يكتبون، أو يعزفون ألحانهم التي
مازالوا يفكرون في تأليفها ولم تكتب بعد. إن هذه الظاهرة هي ظاهرة (توارد
الخواطر). ولكن أين الحقيقة؟ وما سرها؟ وما مصدرها؟ وكيف ندركها أو نشعر
بها؟ وهل هذه ظاهرة عفوية أم عشوائية لا يمكن تكرارها أم أنها موهبة وقدرة
ذاتية لبعض الأفراد هذا هو ما نحاول عرضه ودراسته في هذه السطور. كثير من
جوانب أنفسنا مظلم خفي لا يمكن الوصول إليه إلا بالتأمل والبحث {وفي أنفسكم
أفلا تبصرون}. قرآن كريم.
الظاهرة الكهربية
في البداية وببساطة ننقل رأي العلماء في موضوع الكهربية البشرية.
ومعروف أن جميع المخلوقات تتكون من ذرات مترابطة تحمل داخلها كهربية
متزاوجة الشحنة "موجبة وسالبة" وجزيئات الذرة في حركة دائبة تنتج عنها
مغناطيسية مختلفة الشحنة يكون لها أثر ظاهر في المعادن والنباتات والإنسان.
فالمعادن تشحن بالموجات المغناطيسية المختلفة الشحنة تتجاوب وكأنها مربوطة
إلى بعضها البعض بحال غير مرئية، وتشحن بشحنات متشابهة فتتنافر مدفوعة عن
بعضها بقوة خفية مشيرة إلى طاقة وقوة كامنة في الأشياء. وترصد الأجهزة ما
يسمى بالمجال.. وهو عبارة عن خطوط غير مرئية تتشكل حسب مصدرها ونوعها، وهي
في كنهها ممرات تنتقل خلالها الطاقة وتسري فيها الشحنات لتتجاذب أو تتنافر،
فيسري فيها تيار في الشحنات لتغلق دائرة كهربية أو تتدافع دون تعرض تلك
المجالات فتتباعد الأجسام لتطلق هذه الشحنات في قيد مجالها.
وهذا هو
الإنسان المخلوق أيضاً من ذرات والذي تجري في جسمه الملايين من العمليات
الكهربية ؟ عمليات في طبيعة الذرة وتكريسها وأخرى مصدرها العقل الذي يستخدم
الشحنات الكهربية بين خلايا المخ في التفكير وتخبىء الذاكرة والربط بين
المحسوسات التي تصل إليه عن طريق الحواس وإشارات يصدرها إلى الأعضاء لتتحرك
أو تسكن، والعديد والعديد من العمليات التي تؤدي إلى مجالات كهربية أو
كهرومغناطيسية تتشابك وتتنافر وتنطلق بعيداً عن جسم الإنسان وترصد بالأجهزة
الحديثة على شكل هالة ضوئية غير مرئية لأعين البشر لقصر موجاتها الشديد.
ثم بعد .. هذه الموجات تنطلق معبرة عن مجالات عديدة تعبر بعضها عن نشاط
الذاكرة وأخرى عن الأفكار وأخرى عن أوامر العقل وهكذا كل مجال يعبر عن
مصدره بقدر معين من الطاقة وبشكل يخرج ما في داخل الإنسان إلى الوجود
الخارجي.
فكل عملية عقلية تخرج قدراً من الطاقة يعاد خروجه بنفس الطريقة والكيفية التي يخرج بها عند إعادة نفس العملية.
ولنا أن نتساءل .. ماذا لو أن هناك من يستطيع التقاط هذه المجالات وفهمها
أو ترجمتها ليحل شفرتها ويترجمها؟ إنه بلا شك سؤال مهم تؤدي إجابته إلى
نتائج مهمة.
وننتقل مؤقتاً إلى سؤال آخر وهو : كيف تتفاهم الحيوانات والطيور وكائنات عديدة من حولنا؟
الشئ القاطع أن هذه الكائنات تتفاهم وتتعامل مع بعضها البعض بصورة كاملة وتعبر عن رغباتها واحتياجاتها ولكن ما هي الطريقة؟
تناول العلماء أسلوب الإشارة في محاولة لإيجاد أساس لهذا الاتصال، ولكن إن
سلمنا بنجاح هذه الطريقة مع الحيوانات العليا كالقرد والذي تتيح له
إمكانياته العقلية وتركيبه الجسماني أن يستخدم الإشارة فماذا عن غيره من
الكائنات التي لا تتمتع بهذا التكوين الجسماني كالطيور أو الأسماك.
وقد
توصل العلم حديثاً أن الأسماك تصدر موجات صوتية مختلفة تقوم بالاتصال بها
فيما بينها، وكذلك بعض الحشرات والتي تستخدم قرون الاستشعار الخاصة بها
بأسلوب يتشابه مع هوائي التليفون المحمول أو التليفزيون. ومن هنا ندرك
أمراً مهماً يصل بنا إلى أن نتبنى نظرية أن هذه الكائنات تتصل ببعضها البعض
عن طريق موجات كهربية مصدرها الدماغ وهو ما يعود بنا إلى سؤالنا الأول..!
فهذه الكائنات تستخدم مراكز في أجسامها تتلقى بها الإشارات الصادرة من
رؤوس أشباهها وتحللها إلى كلمات ومعانٍ، وهذا هو بيت القصيد، فالإنسان هذا
الكائن الموهوب لما أودعه الله سبحانه فيه من قدرات هو وحده القادر ؟ ولو
بصورة جزئية ؟ على تلقي تلك الإشارات الصادرة من مثيله. وذلك عن طريق مراكز
مخية كانت تستخدم سابقاً بكفاءة إلا أن الإنسان تكاسل في استخدامها حتى
أنه أصبح لا يعلم بوجودها ضمن قدراته.
واليوم وعندما تعمل هذه المراكز بصورة تلقائية في ظروف خاصة يندهش الإنسان لغرابة ما يرى ويحاول تبريرها بكافة الصور.
والحقيقة أن الكثير من الناس توجد لديهم هذه المراكز نشطة ولكن لجهلهم
بطريقة استعمالها بل لجهلهم بوجودها أصلاً يتركونها تعمل بصورة تلقائية
عندما تسمح الظروف بذلك.
وهذا ليس بالغريب .. فكثير من الأفكار ترد إلى
ذهن الإنسان وبصورة فجائية دون أن يفصح عنها أو أن يسأل عن مصدرها مما
يجعلها تمر عليه مرور الكرام ثم يتناساها وهكذا حتى يتعرض لموقف يفصح له
مصدر هذه الأفكار عما يدور في ذهنه فيظهر العجب والدهشة لأنها نفس الأفكار
التي تشغل عقله وتدور في ذهنه. وكثيراً ما تعمل مراكز استقبال الموجات
البشرية تلقائياً في مخ الإنسان عندما يصادف أن يصدر الغير هذه الموجات على
نفس التذبذب المستعدة هذه المراكز لتلقيه.
وتزيد النظرية اقتراباً من
الواقع عندما يكون الاتصال بين فردين في عائلة واحدة كالأم وابنتها أو بين
توأمين متماثلين في الخلق والخلقة، ومما لا شك فيه أن هناك من البشر من
يتمتع بهذه الموهبة بالفطرة ألا وهي موهبة الاتصال، وهناك أيضاً من أدركها
في نفسه وقام بمحاولة تنميتها بالصقل والتدريب.
وقبل أن نسترسل في شرح
هذه الظاهرة نلفت أنظار القراء إلى أن ظاهرة توارد الأفكار تختلف عن ظاهرة
التخاطر وإن كان لها نفس الأساس إلا أن الأولى تحتاج دائماً إلى طرفين
متجاوبين بينما الثانية تعتمد كل الاعتماد على قدرات طرف واحد.
فبينما
يكون التوارد بين عقلين نشطين مترابطبن باهتمامات مشتركة أو وحدة الدم كصلة
القرابة أو يسعيان إلى هدف مشترك يكون التخاطر عقل واحد موهوب يتمتع
بالقدرة الفذة والروح الشفافة فيغذي العقول ويرسل إليها برسالاته ويستقبل
رسائل الآخرين دون أن يعرب عما يدور في ذهنه لهم إلا إذا أراد ذلك.
وعليه فإن العقل المتخاطر يمكنه إرسال الرسائل بصورة ما أو الاطلاع على
رسالة ما من فكر أي إنسان. بينما التوارد هو حالة تشابه فكرية ومادية تتعلق
بمثلين تنتج أثراً ألا وهو الاتصال الفكري بينهما، في ظروف مواتية.