فن السيطرة على الآخرين
عمّار صبري
يسعى الآخرون دائما أن يبقوا على سيطرتهم عليك، ألا يفقدوا قدرتهم على التحكم فيك، الأمر لا يتعلق فقط بالخصوم بل أيضا بشركائك، الجميع يحاول السيطرة والتحكم في اتخاذ القرارات، وحين تتعرض لذلك لا تفكر في كيفية مقاومة ذلك وإيقافه، بل فقط حاول تغيير ظروف المعادلة، فبدلا من محاولة السيطرة على تصرفات خصمك، انقل الصراع إلى المنطقة التي تختارها، مغيرا الإيقاع والأولويات بالاتجاه الذي يناسبك، حاول السيطرة على عقل الخصم وكيفية تفكيره وليس تصرفاته، وحين يحدث ذلك ستزداد أخطائه، وإذا تطلب الأمر دعهم يشعرون أنهم مسيطرين لكي تجعلهم أقل تيقظا تجاهك، وهنا تصب تصرفاتهم كلها في صالحك.
تشكل مسألة السيطرة قضية أساسية في العلاقات الإنسانية، فالجميع يسعى لامتلاك السيطرة على الآخرين، الجميع يشمئز من شعور الضعف أو التبعية، لذلك إذا ما تقاطعت العلاقات فإن أول ما يفكر به الجميع كيف يسطر على الطرف الآخر ويخضعه لما يريد؟ ومهمتك كإستراتيجي مزودجة، أولا: أن تدرك الصراع في كافة جوانب الحياة، وألا تنخدع بهؤلاء الذين يدعون أنهم غير مهتمين بالسيطرة، لأنهم غالبا يكونون الأكثر ميلا للتلاعب، ثانيا: أن تمتلك مهارة السيطرة على الآخرين، أن تعرف كيف تحرك من حولك كقطع الشطرنج، الأمر لا يتعلق بالقوة المادية بقدر ما يتعلق بقدرتك على التفكير بشكل استراتيجي، ويستلزم ذلك وضوح في الهدف والاتجاه لديك.
وقد حدد روبرت جرين في كتابه 33 استراتيجية للحرب أربعة مبادئ لإتقان فن السيطرة على الآخرين وهي:
- أبقهم مستنفرين: قبل أن يقوم العدو بأي حركة تجاهك، وقبل أن تحدث أي أحداث غير متوقعة تفسد خططك، عليك أن تقوم بخطوة استباقية كي تبقيهم تحت ضغط مستمر، الخطوة الاستباقية تلك سوف تجعلك تمسك بزمام الأمور، حتى وإن كانت قوتك أقل من قوة خصمك فستجعلك تلك الخطوة تتساوى مع خصمك، إن وضع الخصم في موقف دفاعي وجعله في منطقة رد الفعل بدلا من الفعل، كل ذلك يجعله منخفض المعنويات.
- بدّل الميدان: بطبيعة الحال يرغب خصمك أن يواجهك في ميدان مألوف له، الميدان هنا يعني كافة التفاصيل، الزمان والمكان وهدف المعركة، حينما تقوم بشكل مفاجئ بنقل المعركة إلى ميدان لا يألفه الخصم، فإنك تضغط على الخصم أن يواجهك وفقا لشروطك.
- ادفعهم إلى الخطأ: يعتمد خصومك على تنفيذ استراتيجيات تصب في مصلحتهم وتكون قد أثبتت نجاحاتها من قبل، وتكمن مهمتك في أن تخوض المعركة بشكل يدفعهم أن يتخلوا عن استراتيجيتهم تلك، وان يضطروا إلى سلوك استراتيجيات جديدة تدفعهم إلى المزيد من الخطأ. كذلك لا تدع لهم الوقت لفعل أي شيئ، تلاعب بنقاط ضعفهم العاطفية، اجعلهم بقدر الإمكان مستفزين، فخطواتهم الخاطئة هي ما يمنحك الفرصة للنيل منه.
- تظاهر بالسيطرة السلبية: إن أقصى أشكال السيطرة هو جعل أعداءك يشعرون بأنهم مسيطرون، فحين يشعرون بأنهم يملكون زمام الأمور، ستقل مقاومتهم لك، ويمكنك أن تقود خصمك ببطء وسرية بالاتجاه الذي تري
لا يتعلق الأمر بمدى قوتك أو قدرتك على توجيه الضربات للخصم، بل الأمر يتعلق بقدرتك على أن تحرك خصمك إلى حيث تريد، إلى الميدان الذي يناسب طريقتك في المواجهة، فقط عليك أن تحدد الإيقاع الذي يناسبك في المواجهة وتدفع خصمك إلى الخطأ وألا تمنحه الفرصة كي يحدد استراتيجية لمواجهتك، وتبقيه فقط خاضعا لسيطرتك في المعركة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق